" إن حلمي الوحيد، طموحي الوحيد، هو أن يكون لي مرصد وحديقة ورود، وأن أتملى السماء وفي يدي كأس وإلى جانبي حسناء."
شيء خفي يوجهني هذا المساء نحو هذه الشجرة الوارفة الظلال. قوة مغناطيسية تجذبني للخلوة تحت أغصانها الحكيمة... وأشعر بالأمان من مطاردات الفضوليين طيلة النهار:
- أنت شارد!....
- يدك باردة...!
- هل تحب؟...
- عاشق، أنت عاشق...
أستاذ الفلسفة، ذاته، أوقف درس اليوم لينبهني:
- انتبه يا ولدي، ركز انتباهك على الدرس كي تستمتع به، إنك لن تفهم شيئا ما لم تستمتع به. المتعة والفهم وجهان لقوة واحدة. فاستثمر قوتك وركز انتباهك على هذا الدرس داخل هذا الفضاء في هذه اللحظة: هذا، هنا، الآن...
نبض جذع الشجرة في ضلوعي يذكرني بالحكمة، وأجدني " الآن" أرقب " هذا" الغروب يحتضر "هنا".
الليل يلعق اختلاط الألوان في الأفق حيث بدأت النجوم سباقها بحتا عن موقع على رقعة السماء. النجوم تتغامر من على بعد سحيق. النجوم ليست كما كانت تبدو لي دائما: مجرد جمرات كبيرة تحوم في سواد الكون. للنجوم هذه الليلة، حياة أخرى خفية تنبض عشقا وغراما، فالنجوم الأكثر لمعانا كتلك النجمة الوحيدة هناك هي في الغالب نجمتان كما يقول علم الفلك الحديث: نجم برتقالي ونجمة زرقاء. نجمان يرتبطان بجاذبية خفية تشد هذا لتلك فيدوران حول بعضهما البعض في غزل صامت، مضيء... ربما النجوم لا تضيء إلا لكونها تعيش حبا. وربما لولا الحب لانطفأت جذوتها وتناثرت في الفراغ كباقي النجوم المحرومة، نيازكا وشهبا...
أنا الآن أستمتع بوميض النجوم وعشقها، عشق عمره الآن آلاف السنين بين نجوم على بعد آلاف السنين الضوئية ... تلألؤ النجوم يزين السماء ويضفي على ميكانيكية حركة الأجرام السماوية بعدا غراميا.
نبض الشجرة يسري في جذعي يدفق قوي جديدة في شراييني، يقويني، يكبرني، وسيصبح بإمكاني، بعد قليل، الإمساك بالقمر الذي بدأ الآن أولى دحرجاته على الأفق هنا بين كفي يدي.
أرجو أن يعجبكم كل موضوع أقدمه لكم