نقص السكر والسوائل أكثر ما يتأثر به الجنين
الحمل عملية فسيولوجية، وكما هو معروف فإن السيدة الحامل تقوم بالمسؤولية الكاملة في مد الجنين بالغذاء والسوائل والمناعة وكل ما يحتاجه الجنين داخل الرحم، تماما كما ينزل شخص تحت الماء باستخدام خرطوم الاوكسجين، وهو بالنسبة للجنين الحبل السري الذي يمده بجميع عناصر التغذية والتنفس. فالأم هي المصدر الوحيد للجنين فيما يخص عملية النمو والتغذية، ولهذا يجب على الأمهات الحوامل الاهتمام بعناصر التغذية المفيدة المختلفة لعملية نمو الجنين حيث تتكون اعضاؤه جميعها من نقطة الصفر الى ان يكتمل الجنين مع نهاية الشهر التاسع.
والله سبحانه جعل طريقة تغذية الأم كافية لوجود جنين او اكثر حتى لا تتعرض الأجنة الى نقص في التغذية، فيحدث نوع من ترسبات الدهون من الغذاء في الجسم اثناء الحمل في مناطق مختلفة حتى اذا ما حدث وتعرضت الأم الى نقص في الغذاء في فترة معينة، يكون لديها الخزين الكافي للحمل، ولهذا يزداد وزن المرأة اثناء فترة الحمل.
الوحم والصيام
وفائدة الغذاء ليست فقط بالكمية ولكن بالنوعية، فنوعية التغذية ضرورية بالنسبة للأم وأهمها العناصر الغذائية في اللحوم وتشمل الأسماك والدجاج واللحوم الحمراء، كذلك الخضروات والفواكه الطازجة، بالاضافة الى تناول السوائل بكميات كافية لأنها عنصر مهم جدا للجنين.
والصيام اثناء الحمل ممكن اذا كان غذاء الأم متوازنا وصحتها العامة متوازنة، فيمكنها ان تصوم اذا صادف رمضان في اي شهر من شهور الحمل التسعة دون مشاكل، ولكن توجد بعض الحالات من الحمل يصعب معها الصيام، وسنفصلها حسب فترات الحمل المختلفة، وهي الأشهر الثلاثة الأولى، ثم الأشهر الأربعة الوسطى او ثلاثة اشهر ونصف الشهر يليها الشهران والنصف الأخيران.
والمرأة الحامل تختلف حالة صحتها العامة في هذه المراحل المختلفة ففي الأشهر الثلاثة الأولى تميل الى الغثيان والقيء، وضعف التغذية، ولا تتقبل انواعا كثيرة من المواد الغذائية، وذلك بما يعرف بأعراض الوحم، واذا حدث واصيبت الحامل بما يسمى القيء المستعصي بمعنى قيء مستمر ولا تستطيع المرأة ان تسيطر عليه، فهذه لا ننصحها بالصوم لأنها لن تستطيع تعويض غذائها بما يكفي، ولكن اذا كانت الحامل تأخذ ما يكفي من الغذاء وهي في مرحلة الأشهر الثلاثة الأولى فيمكنها ان تصوم. وفي شرع الله رخصة للأم الحامل والمرضع ان تفطر في حالة اذا ما كان الصوم شاقا عليها، والدين لا ضرر فيه ولا ضرار فإذا كان الصوم خلال الأشهر الثلاثة الأولى عبئا على السيدة تفطر.
اما الفترة الوسطى من الحمل فهي من الفترات الطيبة التي تتميز مشاكلها بالبساطة واليسر سواء بالنسبة للعظم أو القدرة على التحمل، ومعظم السيدات يمكنهن الصوم في هذه الفترة الوسطى ولا خوف على الجنين.
ثم تأتي المرحلة الثالثة من الحمل والأخيرة فتعود المرأة الى مشاكل المرحلة الأولى، حيث ان الرحم يحتل مكانا كبيرا فتكون المساحة المتاحة للمعدة قليلة ولا تستطيع السيدة تناول طعام كاف ولا تتحمل كميات من الطعام الكبيرة وتتعرض لعسر الهضم وحموضة شديدة، ولهذا لو استصعب على المرأة الصيام في المرحلة الأخيرة من الحمل فإنه يمكنها ان تفطر ولديها رخصة.
ليس مجرد إفطار
وبعد إيضاح كل مرحلة ومشاكلها وامكان الصيام من عدمه خلال هذه المراحل،أما كيفية افطار الحامل، فالمسألة ليست مجرد صوم وافطار، فافطار المرأة الحامل يكون بنظام مختلف عن افطار الآخرين العاديين
يجب ان تتناول الحامل أكثر من وجبتين أو ثلاث خلال فترة الافطار من المغرب حتى السحور فجرا، فليس لها افطار وسحور فقط، لانها لا تتحمل تناول وجبتين فقط، فلا بد من 3 ـ 4 وجبات بكميات قليلة، وان تكثر جدا من كمية السوائل بعد الافطار.
وننصحها دائما بالافطار بداية وفق السنة بثلاث تمرات، ولهذا ميزة عالية جدا، ففي هذه التمرات نسبة سكر مرتفعة تعوض نقص السكر عند الصائم، ثم تتناول السوائل بعد ذلك، فأكثر ما يتأثر الجنين بشيئين هما نقص السكر والسوائل، فإذا عوضت نقص السكر بالتمر ثم تناولت السوائل، تبدأ بعد ذلك بأكل وجبات صغيرة متقطعة من الافطار حتى السحور، على ان تكثر من السوائل بين هذه الوجبات، وتحرص على تناول وجبة في السحور تكون سهلة الهضم ومرتفعة القيمة الغذائية معا، وان تتناول سوائل حتى تستطيع ان تتابع بها اثنتي عشرة ساعة من الصيام.
محاذير مهمة جدا
ومن المحاذير المهمة جدا للمرأة الحامل، انها اذا شعرت بدوخة شديدة في منتصف فترة الصيام، أي عند العصر أو بعده ان تفطر مباشرة، لانها اذا شعرت بدوخة فهذا يعني ان لديها نقصا في كمية السكر في الدم، وهذا يعني ان الجنين أيضا لديه نقص شديد فهي يمكنها ان تشعر بذلك، لكن الجنين لا يستطيع، فإذا شعرت باعياء شديد فيجب ان تفطر وان تتناول مادة سكرية عالية حتى تمنع أي ضرر عن الجنين، فنقص السكر عند الجنين له مضاعفات كثيرة قد تصل الى ان تؤدي الى وفاة الجنين داخل الرحم اذا كان النقص شديدا، فمضاعفات نقص السكر عند الجنين هي كمضاعفات ذلك عند الإنسان العادي، فلا يصل الغذاء الى مراكز حساسة في المخ، وعدم وصول الغذاء الى مراكز حساسة في الاعصاب مما يؤدي الى مضاعفات تصل الى الموت ما لم تسبب عيوبا خلقية نتيجة تلف في خلايا المخ، حيث ان خلايا المخ غير متجددة. ويتوقف الأمر على درجة نقص السكر في الدم، فالجنين لديه بنكرياس كما لدينا، وتكون نسبة الانسولين عند الجنين مرتفعة، فإذا نقص مستوى السكر بنسبة عالية وحرق الانسولين السكر الموجود لدى الجنين فإنه يتعرض لنوبة شديدة من نقص السكر ينتج عنها مضاعفات شديدة أيضا.
ذكرت ان بإمكان الحامل ان تصوم في أي شهر من أشهر الحمل طالما انها تتناول متوسط غذاء طبيعي ولا تتعرض لحالات اعياء شديدة، ولكن بعض أطباء النساء يرفضون مبدأ الصوم للمرأة الحامل.. فكيف يفسر اختلاف الرأي هذا؟
هذا ليس اختلافا في الرأي، ولكنه نوعا من زيادة الأمان للمرأة الحامل، والله سبحانه وتعالى أعطى الحامل والمرضع رخصة شرعية بألا تصوم، والطبيب يأخذ بالأحوط حتى لا تتعرض الأم للمخاطر، فلا ينصحها بالصوم، ولكن اذا كانت الحامل بصحة جيدة ولا تعاني أمراضا طبية عامة أخرى وتتناول غذاء جيدا، ولا تتقيأ ويمكنها ان تصوم خاصة في الأشهر الأربعة الوسطى.
الحامل بأكثر من طفل يفضل لها الإفطار
بامكان معظم السيدات الحوامل ان يصمن ولكن بضوابط معينة تختلف من سيدة الى اخرى، مع ادراك ان الاحتياجات الغذائية للحامل تزيد بالمقارنة مع غير الحامل، فهي تحتاج الى عدد اكبر من السعرات الحرارية كما تحتاج الى كمية اكبر من السوائل.
ومن الاشياءالتي يكثر الاقبال عليها في رمضان الحلويات، وهي ضرورة للام الحامل لانها غنية بالسعرات الحرارية اللازمة لطاقة الجسم، ولكن حذار من الاسراف فيها، ويفضل ان تعتمد الحامل على النشويات كمصدر للطاقة اكثر من اعتمادها على السكريات كالحلويات والشوكلاتة والمياه الغازية.
اما اذا كانت الام حامل في توأم، فأنها تحتاج الى غذاء جيد ومضاعف لنمو الاجنة داخل احشائها، ويعتبر الصيام مرهقا لصحتها ولهذا فمن الافضل للمرأة الحامل بأكثر من طفل معا ان تفطر حتى تستطيع تلبية احتياجاتها والاحتياجات الغذائية للاجنة في بطنها.
واما بالنسبة للمرضع فننصح المرأة المرضع بالافطار في رمضان، وذلك حفاظا على كمية الحليب المطلوبة في الثدي والكافيه لتغذية الطفل، حيث يتطلب هذا التغذية المستمرة وشرب السوائل، وننصح المرضع هنا بالحفاظ على التوازن الغذائي بحيث تحتوي الوجبة الغذائية على جميع العناصر الاساسية.
نصائح عامة
النصائح العامة التي توجه للحامل في الزيارات المتكررة اثناءالحمل المقصود منها ان تعيش حياة طبيعية وان تكون على علم بما هو سليم وبما هو خطأ واهم شيء:
- الاهتمام بالنظافة الشخصية ولا توجد قيود علي الاستحمام.
- الاهتمام بالغذاء كما ذكرنا وهذا ضروري، فالاحماض الامينية مهمة والفواكه والخضراوات الطازجة والبروتينات عناصر مهمة جدا للحامل.
- الحياة الطبيعية بمعنى انها تتحرك، طالما ليست عليها قيود للحركة كأن تكون معرضة للاجهاض او مصابة بحالات ارتفاع ضغط الدم.
- الحياة الزوجية، تسير بشكل طبيعي اذا كان الحمل طبيعيا، اي الجنين في وضعه الطبيعي، والمشمية كذلك في وضعها الطبيعي، فلا قيود، واذا حدث اي مضاعفات مثل حدوث نزيف او آلام شديدة في البطن فلتتوقف وتراجع الطبيب.
- ممارسة الرياضة غير العنيفة التي تستطيع المرأة ان تمارسها، باختصار يمكن ممارسة حياتها الطبيعية اليومية.
- المضادات الحيوية مواعيدها ثابتة، واذا كانت تأخذ مضادا حيويا يمكن ان توفق مواعيده مع الافطار والسحور وان كان اكثر من ذلك فيجب ان تفطر لتأخذ الدواء في موعده.