بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين الزواج والزنا (لغوياً)
إنا جعلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون(3) الزخرف
سيصعب علينا فهم القرآن بدقة إن لم نفقه لسان العرب،فمن أحب دينه فلينبش وليحفر في أصل الكلمة العربية خاصة ما يتعلق بكلام القرآن،وليسأل الله أن يفهمه قرآنه العظيم كما أنزله حكماً عربياً.
الزنا قيل من الضيق ،(لسان العرب). ولكنه في الحقيقة من الماء (صب الماء). فالزنا لهجة في الشنا (الشن والشنان=الماء المتفرق) .لأن الزنا غرضه فقط الشهوة وقضاء الوطر (الدرّ=صب الماء) .
و(الأز) الجماع وصبّ الماء (المحيط).و(السني) هو السقي (ماء). (سنّ) عليه الماء صبّه .و(شنّ) الماء فرقه،والشنان القربة،والشنين قطران الماء،والشنان الماء البارد،والتوشن قلة الماء (القاموس المحيط).
والفحشاء من (الفحش) من الماء (السيل) كأنها لهجة في (فيض) وبيش (إسم وادي) لكثرة سفح الماء وهدره. وربما الزنا قد يشمل الصب عموماً كالإستمناء. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إجتنبوا هذه القاذورة (الزنا).ونجد كلمة (قذر) لهجة في (قذى)،والقذى ماء قذر.فالزنا لغةً هو شنّ الماء (صرفه وهدره) كما نسمي اليوم الماء المهدور (مجاري،صرف صحي،بواليع).
ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا(32) الإسراء
أي أن الزنا هو هدر وسفح وقذر (ماء متفرق متبعثر).
بينما الزواج أكرم وأسمى من مجرد قضاء الشهوة والوطر.فأصل كلمة زوج من (زجى/زقّ/ساق) أي سار/صحب. فيكون الأصل هو السير والصحبة. والزوجة من الإزجاء (الدفع والسير).فالزواج صحبة ومرافقة وشراكة ، والشريك من السير كأن أصله (سري: ذو السري=ذو السير)،لهجة في طريق/سليك/دريك.
قال تعالى: وصاحبته وبنيه(36) عبس، فالصاحبة=الزوجة.
بعكس الزنا (ليس فيه صحبة ولكن فقط هدر وطر/ماء). فالزنا (صب الماء) لغة في الشنّ = قضاء ماء الشهوة.
و النكاح قد يكون أصله لهجة في لقح (الإخصاب والتناسل والتكاثر)،.أو نكح لهجة من أصل النقاء (الماء النقي الطاهر) .ونقّح الشيء نظّفه وطهّره.والنكاح إستخلاص للصاحب ومنع للغير.
وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين.الأحزاب 50
والزواج الحق له ثلاثة أمور:
أ) الإحصان :أن تكون الزوجة خالصة لزوجها من دون الناس.فهي ممنوعة ومحظورة ومحجور عليها إلا لزوجها.وهذا هو النكاح.والحصون معروفة وهي مصانع وقلاع منيعة غالباً تُبنى على الربوات العالية والجبال،فشبه الزواج بها.
ب) عدم السفاح:والسفاح هو صب الماء وهدره وإضاعته.وهو الزنا بعينه. والسفاح=صب الماء،يقال:سفحت الماء صببته وسكبته،ودم مسفوح مراق (مهدور).فالزاني ليس له غرض سوى أن يسفح مائه ويسكبه.
إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا (145) الأنعام (مهريقاً مسكوباً مهدوراً).
ج) عدم إتخاذ الأخدان:أصل (خدن) هو صب الماء وهو لهجة في خزن (خزّان الماء) و(ختن).و(الشطن) له علاقة بالماء فقيل بئر شطون (قيل من البعد والحبل،ولكنه قد يكون لهجة في الشط=الماء،وشطنان واد بنجد،والأودية تتسمى بالماء).
علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم .البقرة 187،فقد يكون فعل (يختان) هنا بمعنى الإستمناء (هدر الماء) لأن الصائم كان لا يحل له أن يقرب إمرأته ليلة الصيام فيخشى أن يواقعها.و(الخدن) لغة في (الختن) وأصلهما من الماء.
محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة (24) النساء
فانكحوهن بإذن أهلهن وءاتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان (25) النساء
إذا ءاتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان (5) المائدة
و(الإستمتاع) ليس بمعنى التنعم والتلذذ والإستطابة للشيء كما نفهمه اليوم. ولكن من المضي والسير والذهاب بالزوجة.والأجر هو المهر (مال) لأنه فرض وواجب. والزواج ليس إستعباد للزوجة ولكن صحبة وذهاب بها فقد يحدث الطلاق أو الوفاة لأحدهما.
فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا(28) الأحزاب، (من الإذهاب والإطلاق).
أفرأيت إن متعناهم سنين(205) الشعراء ، (أطلقناكم وسرحناكم لتذهبوا)
فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب(65) هود (أنتم طلقاء فامضوا واذهبوا في داركم)
فالزواج ليس لصب الماء وهدره وسفحه،ولكن الزنا هو لذلك.
ويكفي كل من تزني وتعاشر الزناة ،إهانة وخزي وتحقير لكرامتها،أنها جعلت من نفسها مجرد مصرف مجاري (بالوعة ماء).
أما الزوجة فجعلت من نفسها حصناً منيعاً وصاحبة وسكن لزوجها وشريكاً له وحرثاً لذريته.
وقد علمنا أثر الزنا في انتقال الأمراض القاتلة.
بل أن المطلقة الطاهرة ، أزكى لها أن تعود لنكاح زوجها الأول.
ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون(232) البقرة
فكيف سيكون حال من تتنقّل بين الزناة طيلة حياتها ؟
وقد حرّم الله الزواج من الزناة لأسباب كثيرة يعلمها الله ،قد علمنا منها اليوم إنتقال الأمراض الجنسية الفتّاكة.
الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين(3) النور
الخلاصة:
إذا أراد أحدنا من إدعاء الزواج ،والله أعلم بما في القلوب، هو غرض هدر الماء وصبه فهذا زنا وعين الزنا وليسميه ما شاء فلن يغني عنه الإسم من الله شيئاً ،فمن أراد أن يغامر بآخرته ويقابل ربه بكبيرة الزنا فهذا شأنه.
وإن كان الغرض من إتخاذ الزوجة هو الإحصان والصحبة والشراكة للنكاح والحرث والولد ،وليس لغرض المسافحة (سفح الماء) ولا المخادنة (ختن الماء=صبه) فهو حلال ومبارك بإذن الله.